استقبل أحمد عطاف، وزير الشؤون الخارجية الجزائري، أمس الثلاثاء، وفدا عن الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي، يرأسه فرناندو أدولفو غوتييراس، رئيس المجموعة الخاصة بحوض البحر الأبيض المتوسط، حيث بحث الطرفان “سبل تعزيز علاقات الحوار والتعاون بين الجزائر وحلف الناتو”، كما تبادل الجانبان “الرؤى والتحليلات الراهنة على الصعيدين الدولي والإقليمي، لا سيما ما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى تطورات قضية الصحراء”، حسب ما أفاد به بيان للخارجية الجزائرية.
وخص الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني، هذا الوفد الأطلسي باستقبال في قصر المرادية؛ وهو ما اعتبره مهتمون ردا من النظام الجزائري على روسيا، التي رفضت تعديلا جزائريا بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو في الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، بالتزامن مع إصدار مجلس الأمن الدولي لقراره الأخير بشأن هذا الملف، بالرغم من التحركات الجزائرية المكثفة قبيل صدور القرار لإقناع موسكو بذلك.
في هذا السياق، قال وليد كبير، صحافي جزائري معارض، إن “هذا الاستقبال والتداول في شأن ملفي أوكرانيا والصحراء يأتيان في إطار الرد على روسيا التي رفضت التعديلات المقدمة من طرف الجزائر على القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء، إذ أعلن ممثل موسكو في الأمم المتحدة بشكل علني وصريح أن روسيا رفضت التعديلات التي طالبت بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو في الصحراء”.
وأضاف كبير أن “النظام الجزائري يحاول من خلال هذه الخطوات تقديم تنازلات أكبر للغرب لكبح جماح التقدم السريع لملف الصحراء المغربية في الآونة الأخيرة، خاصة في ظل تغير مواقف مجموعة من الدول المؤثرة لصالح الطرح المغربي ودعوة القرار الأخير إلى الذهاب في اتجاه حل سياسي واقعي لهذا الملف؛ وهو ما يزعج النظام الذي وجد نفسه وحيدا ومعزولا في هذا الملف، فلا هو استطاع إقناع الغرب، كما لم تشفع له شراكته الاستراتيجية مع موسكو التي تمر علاقاته معها بأزمة واضحة”.
وتابع المتحدث لهسبريس: “النظام الجزائري يلعب أوراقه الأخيرة، وهو اليوم في مفترق طرق، والأكيد هو أن روسيا ستتخذ رد فعل تجاه هذا الاستقبال والتداول في بعض الملفات؛ ذلك أن موسكو تنزعج من أي تقارب مع حلف شمال الأطلسي، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالدول التي تتعامل معها تجاريا وعسكريا، وأن مثل هذه الخطوات ستؤثر على طبيعة ودينامية العلاقات الجزائرية الروسية على المديين القريب والمتوسط”.
من جهته، قال جواد القسمي، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية، إن “استقبال وزير الخارجية الجزائري لوفد الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي والتباحث حول إمكانية تحسين وتطوير علاقات التعاون بين الجزائر والحلف الغربي قد لا يكون أمرا عاديا وطبيعيا؛ بالنظر إلى العلاقات المتميزة بين الجزائر وروسيا، وكذلك بالنظر إلى علاقات موسكو المتوترة مع حلف شمال الأطلسي في السابق وحاليا بسبب الأزمة الأوكرانية”.
وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الأمر ينطوي إما على إدراك جزائري بفشل المقاربة المعتمدة على موسكو وحدها؛ وبالتالي البحث عن تنويع الشركاء، أو أن الضرورة الأمنية تفرض على الجزائر التحرك في اتجاه معين، كما قد يُفهم أنه رد فعل على موقف موسكو الأخير في مجلس الأمن الذي لم يرقَ إلى طموح الجزائر من خلال بعث رسالة للروس بأن عدم مساندتهم للتحركات الجزائرية في مجلس الأمن قد يهدد الشراكة بين البلدين”.
وخلص الباحث إلى أن “السياسيين والمسؤولين الجزائريين لا يتركون فرصة إلا ويتحدثون فيها عن الصحراء المغربية ويُقحمونها في كل مناسبة، مهما كان الخطاب وأيّا كانت الجهة الموجه إليها؛ وهو أمر قد يفسر المطالب الدولية للجزائر كطرف حقيقي في هذا النزاع في الصحراء، إذ لا يُعقل لدولة تعتبر نفسها ليست طرفا في نزاع الصحراء أن تقحم الأمر في كل خطواتها وتوجهاتها”.
أخبار متعلقة :