التقويم الاخباري

الزياني: إضراب المحامين بالمحاكم مؤلم .. وغياب الحوار يطيل أمد الاحتجاج

يؤكد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، النقيب الحسين الزياني، أن قرار التوقف عن العمل والدخول في إضراب مفتوح احتجاجا على وزارة العدل لم يكن انفراديا، بل جاء بناء على إجماع 17 هيئة يتشكل منها مكتب الجمعية.

وأوضح الزياني، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المحامين باتوا يشعرون بأن المهنة يتم إقبارها، الأمر الذي دفعهم إلى اتخاذ مثل هكذا قرارات مؤلمة ومحزنة في غياب آذان صاغية من طرف الوزارة”، مسجلا أن الخطوة “تأتي بغاية الدفاع عن التشريع ووضع نصوص قانونية تتلاءم مع دستور المملكة ومع التشريعات الدولية لحقوق الإنسان”.

ولا تعرف الجمعية الداعية لهذا التصعيد، وفق رئيسها، تاريخ انتهاء الإضراب الذي يشل المحاكم في المملكة، مع آثاره الكبيرة على جسم العدالة، غير أنه يأمل أن تكون هناك جلسة حوار للتفاوض من أجل حل الملفات العالقة.

أكيد أن الإضراب الذي دخلتم فيه له آثار وخيمة وتداعياته كبيرة. ما مبررات اتخاذ هذا الشكل التصعيدي غير المسبوق؟

قرار التوقف عن ممارسة مهام الدفاع صادر عن الجمعية، ولم ينطلق من فراغ، بل جاء على ضوء مجموعة من السياقات التي عشنا فيها ضغوطا وظروفا صعبة ناتجة عن عدم تجاوب الوزارة المكلفة بالعدل مع مطالب ومبادرات مكتب الجمعية، بمعنى عدم إعطاء اعتبار للمقترحات وفتح حوار جدي وحقيقي لمعالجة الملفات المتراكمة للمحامين والمحاميات، إن على مستوى التشريع، في ما يتعلق بمشاريع قوانين المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية ومهنة المحاماة، أو في ما يتعلق بالتأمين الصحي والعدالة الضريبية، إلى جانب مطلب موقع ومكانة المحاماة. أي إننا حين وجدنا أن هناك محاولة لإقبار المهنة وإبعادها عن أدوارها كان يجب أن تكون هناك مبادرات.

هذه المبادرات عندما لم تجد آذانا صاغية حدث احتقان وسط المحاميات والمحامين وأصبحت المؤسسات المهنية في حرج كبير.

وقبل بدء هذا التوقف عن العمل كانت هناك إشارات سابقة ببلاغات وتوقف عن العمل وندوة صحافية ووقفة وطنية ولقاء وطني لإسماع صوتنا وظروفنا الصعبة والاختناق الذي تعيشه المهنة، ثم فكرنا في أن نتوقف بشكل جزئي لمدة 15 يوما، لكن رغم كل هذا لم نجد آذانا صاغية، ولم يسأل أحد عن سر هذا التوقف.

حينما لاحظنا وتلقينا رسائل صريحة أو ضمنية من طرف الوزارة، على مستوى الخطاب أو الإعلام العمومي، وصلنا إلى أن هناك إرادة لتهميش مهنة المحاماة، لهذا كان لا بد من هذا القرار الجماعي الصادر بالإجماع عن مكتب الجمعية التي تضم 17 هيئة.

طيب، هناك من يدفع بكون احتجاجكم من أجل مصالح المحامين فقط؟

نحن لم نتخذ هذا القرار من أجل تحسين وضعية المحاماة، بل من أجل التشريع؛ فهذا الأخير يمس المتقاضي المواطن بالدرجة أولى، فالمحامي يمكن أن يشتغل حتى في ظل النص السيئ، لكن المواطن هو المتضرر بالدرجة الأولى، والوطن متضرر لأنه حينما يتم تقييم على المستوى الدولي ويسجل أن قوانيننا تتضمن تراجعات دستورية وحقوقية، وأنها لا تحترم المبادئ والمرجعيات الكبرى، حين ذاك يتضح أن ما ننادي به اليوم وما نحتج لأجله يتعلق بمصلحة الوطن والمواطن.

غدا سيفهم المواطن، وغدا ستفهم الجمعيات والمنظمات الحقوقية لماذا نحتج. نحن نحتج من أجل تجويد التشريع، وجعله مواكبا للدستور والمبادئ الكبرى المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات، هذا دورنا.

فدور المحاماة لا يقتصر على الترافع داخل المحاكم، بل أيضا من أجل الإسهام في تجويد القوانين.

مخطئ من يعتقد أننا نحتج من أجل مصالح خاصة للمحامين، بل هناك 90 في المائة من المقتضيات بمشروع قانون المسطرة المدنية وكذا الجنائية التي تهم المواطن الذي سيؤدي الغرامة، فهو الذي يمنع من الطعن بالنقض والاستئناف، وهو الذي يتضرر من الإخلال بالمساواة… وبالتالي هناك العديد من المقتضيات الماسة بحق المواطن في الولوج إلى العدالة والماسة بممارسة الطعن ومخلة بمبدأ المساواة.

هذه كلها مقتضيات نلمس فيها تراجعا، وغايتنا أن نجودها حتى تواكب تطلعات مغرب اليوم، وتلائم دستور المملكة. ونسعى إلى المحافظة على المكتسبات بدل التطوير.

 إلى متى سيستمر هذا التوقف؟

قرار التوقف كما قلت لم يأت من فراغ، ولا نعرف مدى استمراره. هذا القرار فرض علينا فرضا، والجهات التي لا تريد التجاوب ولا المحاورة هي التي كانت سببا في اتخاذه. نحن اليوم أيادينا ممدودة للحوار والتعاون، لكن طالما لا وجود لآذان صاغية، مع تشثيت لكل هذه الأدوار، فنحن مستمرون في القرار.

ونعيد التأكيد أن هذا القرار ليس أكبر مما تتعرض له المهنة من اختناق. نحن نعاني اليوم من تضييق مجال العمل.

اليوم يرفع شعار ربط المسؤولية بالمحاسبة، والتخليق والشفافية؛ نحن مع كل هذا، ونريد محاماة تؤدي أدوارا حقيقية وليست شكلية. فالمحامي يؤدي الأدوار الحقيقية مقابل المحاسبة، لذلك لم تتم الاستجابة لمطالب المحامين فكن متأكدا من استمرار التوقف.

هذا قرار 17 هيئة وليس قرارا عابرا، أو أحاديا، لأننا مررنا من مراحل تدريجية؛ إنه إرادة المحاميات والمحامين المغاربة الذين اصطفوا وتبنوه جميعا؛ لذلك أعتقد ان الاستمرار في تجاهل مطالب ودعوات جمعية هيئات المحامين بالمغرب سيؤدي لا محالة إلى استمراره.

نحن واعون بالآثار، ونتألم لما يحدث، لكن لا خيار لنا؛ فالسياق وما فرض علينا من اكراهات يقتضي اتخاذ مثل هذا القرار الصعب، المؤلم والمحزن، لكن لا خيار لنا. في المقابل نحن نريد التفاوض والحوار والمساهمة في البناء ومحاولة إيجاد حلول مناسبة لكل هذه الملفات العالقة.

أليست هناك دعوة للجلوس إلى طاولة الحوار مع الوزارة بعد؟

بالنسبة لنا، في إطار ما هو رسمي، بعيدا عن الوساطات، لم نتلق دعوة رسمية للحوار. وكونوا على يقين أنه لو كانت هناك دعوة من جهة معنية فسنكون في الموعد ولن نخلفه.

هناك مؤسسات دستورية على غرار مؤسسة الوسيط، لماذا لم يتم الاحتكام لها في نظركم قبل اتخاذ مثل هكذا خطوات؟

نحن على استعداد للتواصل مع أي جهة ترى أنها ستعالج الموضوع.

وأؤكد لكم أننا كلنا آذان صاغية للحوار والتعاون، وهذا ليس مجرد كلام، بل إننا صادقون من أجل معالجة جميع المشاكل بتعقل وروية وحكمة، لأننا أولا وأخيرا مواطنون مغاربة نستحضر المصلحة العليا للوطن.

أخبار متعلقة :