التقويم الاخباري

5 محركات تشكل طفرة الغاز الجزائري.. إمكانات ضخمة للموارد غير التقليدية (تقرير)

اقرأ في هذا المقال

  • ارتفاع إنتاج الغاز في الجزائر 25% خلال السنوات الـ4 الماضية
  • الطلب المحلي قد يرتفع 1.3% سنويًا حتى أواخر عشرينيات القرن الـ21
  • اعتماد الطاقة المتجددة في الجزائر يعزز صادرات الغاز
  • الجزائر تمتلك نحو 480 مليار متر مكعب من الموارد التقليدي غير المطورة
  • الغاز غير التقليدي يمثّل حلًا لانخفاض الإنتاج وتعزيز الصادرات

خضع قطاع الغاز الجزائري لتغييرات كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية؛ ما جعل البلاد لاعبًا رئيسًا في مشهد الطاقة العالمية.

وبعد مراحل من الركود وانخفاض الإنتاج، تمكّنت الجزائر من تنشيط القطاع عبر مزيج من السياسات الإستراتيجية وزيادة الاستثمار والتطورات الجديدة، ولم يعزّز هذا التحول الإمدادات المحلية فحسب، بل عزز قدراتها التصديرية، وخاصة إلى أوروبا، الوجهة رئيسة للصادرات الجزائرية.

أحد المحركات الرئيسة وراء نجاح الجزائر هو زيادة إنتاجها من الغاز المسوّق بنحو 25% على مدى السنوات الـ4 الماضية، إذ بلغ الإنتاج 104.3 مليار متر مكعب عام 2023، ارتفاعًا من 85 مليار متر مكعب عام 2020، بحسب أحدث البيانات المتاحة لدى وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

ومع تجدُّد اهتمام المستثمرين الأجانب بالغاز الجزائري، إضافة إلى رغبة أوروبا في الابتعاد عن إمدادات روسيا، من المتوقع أن تستفيد الجزائر من استثمارات مالية قياسية وعقود طويلة الأجل لتطوير مواردها؛ اعتمادًا على 5 محركات أساسية.

دور اتفاقية أوبك+

يشهد قطاع الغاز الجزائري تحولًا ملحوظًا في ممارسات إعادة الحقن وقدرات الإنتاج، وقبل عام 2020 كانت الجزائر تعيد حقن ما بين 30-40% من إجمالي إنتاج الغاز لتعزيز إمدادات السوائل النفطية، لكنها استطاعت منذ ذلك الحين خفض هذه المعدلات إلى قرابة 25%.

وبالنظر إلى عام 2025، حينما يُتوقع انتهاء اتفاقيات أوبك+ لخفض إنتاج النفط، قد تحتاج الجزائر إلى زيادة معدلات الحقن لمستويات قياسية تتراوح بين 70 و80 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، بحسب تقرير حديث صادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي.

ورغم ذلك، تتمتع الجزائر بموقف قوي لتعزيز معدلات إعادة حقن الغاز بفضل الزيادة الأخيرة في إجمالي الإنتاج، التي ترجع في المقام الأول إلى تطوير مشروعات جديدة.

فضلًا عن ذلك، نجحت شركة النفط الوطنية الجزائرية، سوناطراك، في إطلاق مشروعَي حاسي باحمو وحاسي موينة، بعد تأجيلهما لمدة طويلة، ومن المتوقع أن تضيف المشروعات 4.5 مليار متر مكعب لإنتاج الغاز الجزائري، فضلًا عن بدء تطوير مشروعات أخرى، مثل عين تسيلا.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج الغاز الجزائري تاريخيًا:

الطلب المحلي وإمكانات التصدير

يواجه قطاع الغاز الجزائري مشهدًا نشطًا متأثرًا بالطلب المحلي وإمكانات التصدير؛ فبعد أن شهد الاستهلاك اضطرابات ضخمة بسبب جائحة كورونا، عاد للانتعاش مجددًا، وثمة توقعات حالية بأن يبلغ متوسط معدل نمو الطلب المحلي 1.3% سنويًا حتى أواخر العقد الحالي (2030)، قبل أن يستقر في العقد المقبل.

وتستهلك الجزائر -تقريبًا- نصف إنتاجها من الغاز، بما يعادل 46.3 مليار متر مكعب في عام 2023، مقابل 42.3 مليار متر مكعب عام 2022، وفق أحدث البيانات المتاحة لدى وحدة أبحاث الطاقة.

وفي عام 2023، كانت الجزائر أكبر مصدّر للغاز الطبيعي والمسال في أفريقيا، بإجمالي تجاوز 52 مليار متر مكعب، وفق بيانات منظمة أوبك.

ولضمان استدامة الصادرات وسط ارتفاع الطلب، حدّدت الحكومة أهدافًا طموحة لتنويع مزيج الكهرباء، وتهدف إلى تركيب ما مجموعه 22 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

ويشمل ذلك 13.5 غيغاواط من الطاقة الشمسية، و5 غيغاواط من طاقة الرياح، و2 غيغاواط من الطاقة الشمسية المركزة، و1 غيغاواط من الكتلة الحيوية.

ومع توسيع انتشار الطاقة المتجددة، من المتوقع أن تحلّ محل توليد الكهرباء بالغاز الجزائري تدريجيًا؛ ما يسمح بتوفير إمدادات للتصدير، وخاصة للمشترين الأوروبيين في إسبانيا وإيطاليا.

ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- سيطرة الغاز على مزيج توليد الكهرباء في الجزائر:

قطاع المنبع في الجزائر

من المتوقع أن يشهد قطاع النفط والغاز في الجزائر تنويعًا كبيرًا بحلول عام 2025، فقد استفادت البلاد من الاهتمام العالمي المتجدد بقطاع المنبع (الاستكشاف والإنتاج)؛ ما أدى إلى مكاسب مالية ضخمة.

وشهدت البلاد مستويات قياسية من الاستثمار الرأسمالي، ونجحت في توقيع 6 اتفاقيات جديدة بموجب شروط مالية جديدة أكثر ملاءمة، مع الالتزام باستثمار أكثر من 7 مليارات دولار أميركي في القطاع.

كما يمتد هذا التحول إلى المشروعات القائمة، مع اعتماد مشروع تيميمون التابع لشركة توتال إنرجي الشروط المالية الجديدة، وتوقيع كبار اللاعبين في صناعة الطاقة اتفاقيات طويلة الأجل بموجب قانون المحروقات في الجزائر بحلول عام 2025، مثل توقيع شركتَي إيني وإكوينور اتفاقيات مدّتها 25 عامًا لمشروعاتهما القائمة.

وعلاوة على ذلك، شهد قطاع الغاز الجزائري توقيع 14 مذكرة تفاهم مع شركات نفط أجنبية في العام الماضي (2023) وحده، وفي حال تحويل هذه الخطوة إلى اتفاقيات ملزمة، فسيؤدي ذلك إلى تحسينات هائلة داخل قطاع المنبع؛ ما يساعد البلاد في الحفاظ على دورها بصفتها موردًا رئيسًا للطاقة.

إمكان تعويض تراجع الإنتاج

تقف الجزائر عند منعطف حاسم في مشهد الطاقة، حيث تسعى جاهدة لمواجهة التحدي المتمثل في الحفاظ على مكانتها بصفتها مصدرًا مهمًا للغاز بعد عام 2030.

ومع تراجع الإنتاج من الحقول القديمة، يتعين على البلاد استكشاف سبل بديلة لتعزيز إنتاجها من الغاز، ويتضمن هذا الاستفادة من احتياطياتها الضخمة من الموارد التقليدية غير المطورة، التي تُقدَّر بنحو 480 مليار متر مكعب أو 17 تريليون قدم مكعبة.

وفي حين إن هذه الموارد واعدة للإنتاج مستقبلًا، فإن العديد منها يقع في مناطق نائية؛ ما يجعل من الصعب تطويرها تجاريًا، لكن في عام 2025، من المتوقع أن تقدّم الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات (النفط) فرصًا لاكتشاف الموارد من خلال العروض التنافسية.

وستركّز المشروعات المتوقعة على الاكتشافات الأصغر والأكثر هامشية، التي تفرض تحديات فنية أكبر مقارنة بحقول الغاز السابقة.

إلى جانب ذلك، تواجه الجزائر مشكلات تتعلق بحرق الغاز، وخاصة في حوض بركين الغني بالنفط، حيث يحتوي على مرافق محدودة لمعالجة الغاز.

ورغم الفوائد المحتملة المترتبة على الاستثمار في الحدّ من حرق الغاز، لن يؤدي ذلك إلّا إلى زيادة في إمدادات الغاز بما لا يتجاوز بضع مئات من ملايين الأقدام المكعبة يوميًا.

دور الغاز غير التقليدي

يبرز استكشاف وتطوير موارد الغاز غير التقليدي بصفته محورًا بالغ الأهمية لتعزيز طفرة الغاز الجزائري، وفق التقرير الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

والجزائر ثالث أكثر الدول امتلاكًا لاحتياطيات الغاز الصخري في العالم بنحو 707 تريليونات قدم مكعبة، كما يرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة:

ومع إمكان وجود احتياطيات كبيرة من الغاز الصخري والغاز الحبيس، التي تُقدَّر بمئات تريليونات الأقدام المكعبة، فإن الغاز غير التقليدي يمثّل فرصة للجزائر لتنويع محفظتها من الطاقة، وضمان القدرة على التصدير في المدى الطويل.

إلّا أن الجدوى التجارية للغاز الصخري في الجزائر ما تزال غير مؤكدة، وتشكّل التكاليف المرتفعة المرتبطة بالحفر والتطوير والتشغيل معضلة كبيرة، ويتعين خفض تكاليف حفر الآبار الأفقية، التي يبلغ متوسطها قرابة 15 مليون دولار أميركي.

وفي حين تتمتع الجزائر بسلاسل توريد قوية، فإن عمليات الحصول على الموافقات التشغيلية تتّسم بالبطء.

ورغم هذه التحديات، وقّعت شركات نفط عالمية كبرى، مثل إكسون موبيل وشيفرون، مذكرات تفاهم مع شركة سوناطراك الجزائرية لاستكشاف هذه الموارد وتطويرها.

وبفضل خبرتهما التقنية ومواردهما المالية، قد تسهم هذه الخطوة في استكشاف إمكانات الغاز غير التقليدي في الجزائر، ومن ثم الإسهام في أهداف التصدير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

أخبار متعلقة :