تتواصل الجهود الدولية المكثفة لوقف التصعيد في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها الدور المصري الذي يسعى لتهدئة الأوضاع في غزة ولبنان. في هذا السياق، أجرى وزير الخارجية المصري، د. بدر عبد العاطي، اتصالاً هاتفياً بنظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، الأحد، تناول فيه الطرفان مستجدات الأوضاع الإنسانية والسياسية في الشرق الأوسط، خاصة في ظل التصعيد المستمر في قطاع غزة ولبنان. وقد شدد الوزيران على ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، ودخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة.
التهدئة في غزة: مساعٍ مصرية وموقف حازم من التصعيد
وفقاً للسفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، فإن المحادثة الهاتفية ركزت بشكل رئيسي على الأوضاع المتدهورة في قطاع غزة. أكد الوزير عبد العاطي على رفض مصر الشديد للإجراءات الإسرائيلية التي تعرقل جهود الإغاثة وتمنع دخول المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن هذه الممارسات تساهم في تدهور الأوضاع الإنسانية وتزيد من حدة التصعيد. كما أدان عبد العاطي منع الاحتلال الإسرائيلي لوكالة "الأونروا" من أداء دورها في تقديم المساعدات للفلسطينيين.
وشدد وزير الخارجية المصري على ضرورة توحيد الأراضي الفلسطينية، حيث دعا إلى دعم السلطة الفلسطينية باعتبارها الجهة الشرعية، ودعا إلى التعامل مع الضفة الغربية وقطاع غزة ككيان سياسي موحد لتحقيق الاستقلال الكامل للشعب الفلسطيني. وتؤكد مصر على أهمية التوصل لحل عادل وشامل ينهي الاحتلال، ويُؤسس لقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.
لبنان: أزمة سياسية وأزمة إنسانية
ناقش الوزيران الأوضاع في لبنان، حيث شهد الجنوب اللبناني تصعيداً خطيراً بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، وسط تصاعد التوترات التي زادت من تعقيد الأزمة السياسية والإنسانية في البلاد. أكد عبد العاطي على أهمية تحقيق وقف فوري لإطلاق النار، وتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي ينص على وقف جميع الأعمال العدائية، مشيراً إلى جهود مصرية حثيثة لدعم استقرار لبنان وإنهاء الأزمة الرئاسية المتفاقمة.
كما أعرب الوزير عن ضرورة توافق الأطراف اللبنانية على انتخاب رئيس جديد بدون تدخلات خارجية، مؤكداً على دعم مصر للمؤسسات اللبنانية، وبخاصة الجيش اللبناني. وتناول الاتصال أيضاً التداعيات الخطيرة للتوغلات الإسرائيلية في لبنان، حيث أدان عبد العاطي استهداف الجيش الإسرائيلي لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، واصفاً ذلك بانتهاك واضح للسيادة اللبنانية ولقواعد القانون الدولي.
السودان: دعم مصري لاستقرار الدولة وتوفير المساعدات الإنسانية
شمل الاتصال كذلك مناقشة الأوضاع الإنسانية والسياسية في السودان الذي يعاني من نزاعات مسلحة تؤثر سلباً على استقرار الدولة السودانية. وأكد عبد العاطي على أهمية دعم مؤسسات الدولة السودانية، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار وتكثيف المساعدات الإنسانية للمتضررين من الأوضاع الراهنة. وأوضح أن مصر تدعم التنسيق الدولي لتقديم الدعم اللازم للسودان، بهدف احتواء الأزمة وحماية وحدة الأراضي السودانية واستقرارها.
الأمن المائي المصري: ملف وجودي وضمان للتعاون الإقليمي
كما أُثيرت خلال المحادثة قضية الأمن المائي لمصر، حيث شدد وزير الخارجية على أن قضية نهر النيل مسألة وجودية بالنسبة لمصر، معرباً عن رفض مصر التام لأي إجراءات أحادية تمس حصتها من مياه النيل. وأكد عبد العاطي أن نهر النيل يجب أن يكون شرياناً للتعاون والتنمية بين دول حوض النيل، وليس سبباً للصراعات. ودعا إلى التزام جميع الأطراف المعنية بالقوانين الدولية ذات الصلة وإلى احترام مصالح مصر المائية، مشيراً إلى أن القاهرة ستواصل جهودها لضمان أمنها المائي.
تعاون مصري-أمريكي لضمان الاستقرار في المنطقة
اختتم الوزيران محادثاتهما بالتأكيد على أهمية التنسيق المصري-الأمريكي في مواجهة الأزمات الإقليمية، وعلى ضرورة استمرار التشاور بين البلدين لدعم استقرار الشرق الأوسط. وتؤكد مصر التزامها بالجهود الدولية لتحقيق السلام، وحثت كافة الأطراف الدولية على تقديم الدعم اللازم لتحقيق تهدئة شاملة ومستدامة في المنطقة، مع التركيز على القضايا الإنسانية التي تمس حياة الشعوب بشكل مباشر.
ويُبرز هذا الاتصال الدبلوماسي الدور المحوري الذي تلعبه مصر في احتواء الأزمات الإقليمية المتفاقمة، من خلال التواصل المكثف مع القوى الدولية والدول الإقليمية. تسعى مصر، بالتعاون مع الولايات المتحدة، إلى تعزيز السلم والأمن في الشرق الأوسط، خاصةً في ظل التعقيدات السياسية والإنسانية التي تجعل من المنطقة ساحة لمواجهات وصراعات مستمرة تتطلب حلاً عاجلاً وشاملاً.
أخبار متعلقة :