التقويم الاخباري

خبراء: القرار الأممي بشأن الصحراء المغربية يضع دي ميستورا في مأزق

مدّد مجلس الأمن، الأسبوع الجاري، ولاية بعثة “المينورسو” في الصحراء المغربية لمدة عام إضافي، حتى 31 أكتوبر 2025، مع رفض تعديلين تقدمت بهما الجزائر على مشروع القرار، الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية. وحظي القرار الجديد بتأييد 12 عضوا بمجلس الأمن.

ويعني تمديد ولاية بعثة “المينورسو” استمرار المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في مهمته وسط تساؤلات حول إمكانية مغادرته، وهي التساؤلات المستندة إلى تلميح دي ميستورا في وقت سابق بعزمه تقديم استقالته في حال عدم تحقيق أي تقدم في ملف الصحراء المغربية، إضافة إلى ما يصفه مراقبون بـ”الزلات” التي راكمها خلال السنتين الأخيرتين، أبرزها زيارته جنوب أفريقيا ودعمه مقترح جزائري يروم تقسيم الصحراء إلى قسمين.

ومع ذلك، فإن “استقالة دي ميستورا لن تكون أبدا بسبب المغرب، بل بفعل الجزائر”، وفق ما أكده السفير عمر هلال، في آخر تصريحاته، مبرزاً أن المغرب “يرغب في التعاون معه مستقبلا”.

الأكاديمي والمحلل السياسي محمد العمراني بوخبزة اعتبر أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية “وقع في حرج كبير نتيجة عدم تقديره لحساسية ملف الصحراء المغربية وتعقيداته وخطواته فيه”.

وأوضح بوخبزة، في تصريح لهسبريس، أن دي ميستورا “لم يأخذ بالحسبان البعد الاستراتيجي والتوازنات الإقليمية والدولية المحيطة بالقضية، وهو ما يختلف تماماً عن الملفات الأخرى التي قد يكون عمل عليها، رغم أنه لم يحقق نجاحاً ملحوظاً في أي منها”، لافتا إلى أن هذا التجاهل “قد يؤدي إلى خطوات غير محسوبة النتائج على مستقبل القضية”.

وأضاف أن قرار مجلس الأمن الأخير لم يعكس أي تأثير للجزائر على مجريات الملف، “حيث فشلت في إدخال تعديلات أو إحداث تغيير على النصوص المتعلقة بالصحراء المغربية”، مشيرا إلى أن هذا “يعكس ضعف نفوذ الجزائر، حتى مع وجودها في مجلس الأمن مقارنة بالدعم الذي يحظى به المغرب من قبل القوى الكبرى، خاصة الدول دائمة العضوية، وهو ما يظهر أن الأطراف المؤثرة في الملف لا تزال متمسكة بدعمها للموقف المغربي”.

في هذا السياق، أشار المحلل السياسي ذاته إلى أن المغرب يحظى بدعم قوي ومستمر من قبل مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة فيما يتعلق بمقترح الحكم الذاتي. وأضاف أن الأمين العام للأمم المتحدة تحدث بشكل واضح عن هذا الدعم والزخم الذي يحيط بالمبادرة المغربية، مؤكداً أن هذا الموقف يعكس الواقع الدولي الجديد الذي لا يمكن تجاهله، وهو ما يعززه أيضاً قرار مجلس الأمن الأخير.

وأردف أن دي ميستورا “إذا لم يأخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار قد يجد نفسه في موقف يضطره إلى مغادرة منصبه”، مشيرا إلى أن هذا الملف يسير في اتجاه واضح ومتفق عليه دولياً، “وأي خطوات من المبعوث الأممي لا تتماشى مع هذا الاتجاه قد تسهم في عرقلة المسار الإيجابي الذي يتخذه الحل”.

وخلص الأكاديمي ذاته إلى التأكيد على أن المغرب “لا يأبه في الوقت الحالي ببقاء أو مغادرة دي ميستورا لأنه يتحكم بزمام الأمور في هذا الملف، ويفرض رؤيته وشروطه على الأرض وفقاً لاستراتيجية محكمة، ويدير زمن حل النزاع بالشكل المطلوب، مما يجعله في موقع قوة. لذلك فإن أي مبعوث أممي، سواء كان دي ميستورا أو غيره، يجب أن يكون واعياً بهذه الحقائق ويعمل وفقاً لها إذا أراد تحقيق تقدم حقيقي في الملف”.

المحلل السياسي لحسن أقرطيط أوضح، من جانبه، أن “المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية يواجه مأزقاً حقيقياً يتمثّل في الزمن الذي أصبح يحاصره”، مشيراً، في تصريح لهسبريس، إلى أن تبني القرار 2756 “يضع دي ميستورا أمام مفترق طرق، حيث يعتبر شاملاً ويجمع بين 16 قراراً سابقاً حدد فيها المجلس بوضوح أطراف النزاع وكون الموائد المستديرة إطار وحيد للتوصل إلى حل سياسي متوافق عليه، ويؤكد أن مبادرة الحكم الذاتي تشكل الحل السياسي المرجو”.

وأبرز أقرطيط أن التحدي الأكبر بالنسبة لدي ميستورا يكمن في إقناع الجزائر بالعودة إلى طاولة المفاوضات، خاصة بعد امتناعها عن التصويت على قرار مجلس الأمن الأخير، مشيراً إلى أن ما يزيد من تعقيد مهمته هو كونه مطالب بتفعيل القرار 2756 قبل أبريل القادم.

ورغم التحديات، يضيف أقرطيط، “لا يزال المغرب متشبثاً بالمسار الأممي، على الرغم من بعض الأخطاء التي ارتكبها دي ميستورا مثل زيارته جنوب إفريقيا وتصريحاته المثيرة للجدل حول التقسيم، وهو مقترح جزائري”.

وختم تصريحه بالقول إن دي ميستورا “أمامه ستة أشهر فقط لإثبات قدرته على تحريك المفاوضات، فإذا فشل في تحقيق هذا الهدف سيكون عليه الاختيار بين الاستمرار دون تحقيق أي تقدم أو تقديم استقالته”.

أخبار متعلقة :