باتت السياسات المناخية التي يتبنّاها أعضاء حزب الخضر في ألمانيا مصدر قلقٍ من أن تؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار باقتصاد البلاد في ظل "تطرّف" العديد من تلك السياسات بمحاربة الحركة الصناعية والاقتصادية في البلد الأوروبي.
وبالنظر إلى شركة صناعة السيارات الألمانية الرائدة فولكسفاغن نرى أن ارتفاع أسعار الطاقة وأجور العمالة أدت إلى إغراق الشركة في الديون؛ ما يهدد بإغلاق المصانع وتسريح عدد كبير من الموظفين.
يأتي ذلك بعد أن دفع اتحاد عمال المعادن في ألمانيا (آي جي ميتال) IG Metall شركة فولكسفاغن إلى إجراءات متطرفة وغير حكيمة، وأنفقت الشركة أمولًا طائلة في إطار جهودها الفاشلة لتطوير سيارات كهربائية صالحة للخدمة وقابلة للتسويق.
وليس لدى فولكسفاغن أي خيار كي تنجو من تداعيات الحظر الوشيك والمفروض بالكامل على محركات الاحتراق الداخلي، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة نقلًا عن مدونة "ديلي سكيبتيك" Daily Sceptic .
بدورها، لا يمكن لسيارات فولكسفاغن العاملة بالبطاريات منافسة الطرازات الأجنبية لدى شركات مثل تيسلا الأميركية (Tesla) وبي واي دي الصينية (BYD)، التي تستعمل تقنيات مختلفة تمامًا، وليس هناك سبب يجعل من صانعة السيارات العاملة بالبنزين منتجًا رائدًا للمركبات الكهربائية.
صناعة السيارات في ألمانيا
قد تعني المطالبة، من خلال مرسوم سياسي بأن تبدأ صناعة السيارات في إنتاج منتج مختلف تمامًا خلال العقد المقبل، إلغاء صناعة السيارات في ألمانيا.
في هذا الأسبوع، أعلنت شركة فولكسفاغن خططًا لإلغاء عشرات آلاف الوظائف وإغلاق 3 مصانع، ويُعد هذا أمرًا بالغ الأهمية؛ لأنها لم تغلق مصنعًا ألمانيًا واحدًا من قبل.
وأشار الكاتب الصحفي لدى مجلة "سيسرو" الألمانية Cicero دانييل غرابر، الشهر الماضي، إلى أن "أزمة فولكسفاغن أصبحت رمزًا لانحدار بلدنا بأكمله".
من ناحيتها، تُلقي المؤسسة اليسارية الخضراء في ألمانيا باللوم على إدارة الشركة جراء هذه الإخفاقات، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
تجدر الإشارة إلى أن ولاية ساكسونيا السفلى الألمانية تمتلك حصة 20% في فولكسفاغن، ومن ثم فهي تدير الشركة.
السياسات المناخية لحزب الخضر
مؤخرًا، عُيّنت سياسية من حزب الخضر، جوليا ويلي هامبورغ، في مجلس الإشراف لدى فولكسفاغن.
ويشير المحللون إلى أن جوليا ويلي هامبورغ لا تمتلك حتى سيارة، وقد استعملت منصبها لتزعم أن على فولكسفاغن أن لا ترى نفسها شركة مصنعة للسيارات بل "مقدم خدمات التنقل" وأن تحول تركيزها بعيدًا عن "النقل الفردي".
وفي عام 2011، أجرى وزير الاقتصاد الحالي روبرت هابيك، مقابلة مع صحيفة "تاز" (Taz) قال فيها إن "انخفاض عدد السيارات لن يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي، بل إلى نشوء صناعات جديدة"، وهاجم "نظرية النمو القديمة القائمة على الناتج المحلي الإجمالي".
ويوجد خلف الساسة الخضر مثل هابيك قوى أكثر تطرفًا، مثل رئيسة تحرير صحيفة "تاز" اليومية الألمانية أولريكه هيرمان، التي كانت لسنوات عديدة عضوةً في حزب الخضر.
وترى هيرمان في "السياسات المناخية وسيلة لفرض اقتصاد مخطط مركزيًا بحيث لن يملك السكان شيئًا ويعيشون سعداء".
وتشير إلى أن العناصر الأساسية للاقتصاد لابد أن تخضع للتقنين، بدءًا بغرفة المعيشة؛ لأن الأسمنت يطلق كميات لا حصر لها من ثاني أكسيد الكربون؛ ولن يُسمح للقطارات بالسفر بسرعة تزيد على 100 كيلومتر/ساعة.
وترى هيرمان أن ملايين الألمان سوف يضطرون إلى السفر لمسافة كيلومترات محددة بوسائل النقل العام المحلية البطيئة، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وعلى الرغم من أن مواقف هيرمان لا تمثل رؤية حزب الخضر بالكامل؛ فإنها تُعد ركيزة تعمل على ثقل النظام الأخضر، الذي يسيطر الآن على الجمهورية الاتحادية.
إلى جانب سياسات النمو السلبي المتعصبة التي تنتهجها هيرمان، يتألف النظام الأخضر من تكنوقراطيين حريصين على توسيع إشرافهم على الاقتصاد لأسباب بيروقراطية غامضة، وانتهازيين ومحتالين حريصين على وضع أيديهم على إعانات الدولة.
النظام الأخضر
يرى أحد المحللين أن هذا هو النظام الأخضر، وتحوّل الطاقة الذي يتبناه سياسيو حزب الخضر في ألمانيا. ولا يرى بعضهم أن الطاقة الشمسية كافية تمامًا، وأن إنشاء مليار توربين رياح بشكل مختلف سيوفر الكهرباء المجانية.
ويشيرون إلى أن مصادر الطاقة المتجددة ليست مجرد تقنية مستقبلية ممتعة، وإنما معدات جديدة يمكن تركيبها على أسطح المنازل.
وينظرون إلى أن إدارة هذه المصادر بطريقة غير حكيمة وغير مجدية اقتصاديًا تمهد لتراجع الصناعات التقليدية الرائدة في البلاد.
اقرأ أيضًا..
0 تعليق