لا يزال ملف المركب الرياضي محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء يثير الكثير من النقاش موازاة مع الإصلاحات المتواصلة التي يعرفها منذ أشهر، إذ أثار قرار التراجع عن تغطية الجوانب الخارجية له تساؤلات بخصوص أيّ تدبير تعرفه هذه المعلمة التاريخية خلال السنوات الأخيرة بعدما ظلت “غارقة” في إصلاحات متتالية تطلبت ميزانيات مهمة.
ويستمر هذا الملف في شغل بال الكثير من المتتبعين للشأن الرياضي والناشطين في مجال حماية المال العام، إذ يكون عادة مَثَار الكثير من الانتقادات بخصوص الميزانيات التي استنزفتها الإصلاحات خلال السنوات الأخيرة و”بدون ارتقاء وضعية الملعب إلى مستوى التطلعات”.
كريم الكلايبي، عضو لجنة القيادة والتتبع الخاصة بالمركب الرياضي محمد الخامس، قال إنه “تم التراجع عن تغطية جنبات الملعب كما كان مرتقبا سابقا بعدما لم ترُق البيضاويينَ ولم ترُقنا نحن كمعنيين كذلك”، لافتا إلى أن “مكتب الدراسات المكلف أعطى تصوره في هذا الخصوص؛ لكن تنزيله لم يكن في المستوى المطلوب والمتوقع”.
وأفاد الكلايبي، في إفادته لهسبريس، بـ”وجود اجتماع مرتقب خلال نونبر الجاري ستتم خلالها المصادقة على البرنامج الجديد لتغطية الملعب من الجوانب، على أن تكون الأشغال منتهية بحلول نهاية السنة الجارية، وسيكون على أقصى تقدير مفتوحا في وجه الفرق المحلية بداية 2025″، مشيرا إلى أن “الإصلاحات تمت برمجتها تقريبا بما يصل إلى 250 مليون درهم، على أن يتم رصد مبالغ أخرى من طرف شركة سونارجيس إذا ما كان الملعب يحتاجها وفق ما تم الاتفاق عليه في البدء”.
ورفض عضو لجنة القيادة والتتبع الخاصة بملعب “دونور” الحديث المباشر عن “هدر المال العام”، إذ كشف أن “وجود الملعب داخل منطقة حضرية وسط الإقامات السكنية عقّد من مهمة الإصلاحات التي كان من الأساسي أن يتم القيام بها، حيث كان من الأولى أن يتم هدمه بشكل نهائي وإعادة بنائه كما هو الحال في تجارب أخرى، فضلا على أن الملعب تم ضمه في آخر رمق إلى لائحة الملاعب التي ستستضيف كان 2025، بما زاد من ضغط الوقت الذي كان من الممكن استثماره”.
وزاد المتحدث: “نريد فقط أن نوضح أن الأمر، في نهاية المطاف، لا يتعلّق بأموال البيضاويين”، لافتا إلى أن “جماعة الدار البيضاء لم تصرف من اعتماداتها المالية لفائدة القيام بعمليات الإصلاح؛ بل إن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والجامعة الملكية لكرة القدم هما اللتان تكلفتا بهذا الملف”.
لكن هذه المعطيات، حسب الكلايبي، لا تمنع من الإشارة إلى أن “هدم الملعب وإعادة بنائه من جديد كان يمكن أن يكلف أقل مما كلّفت مجملُ هذه الإصلاحات التي عرفها خلال السنوات الأخرى”، مبرزا أن “إشكاليات تقنية ومعمارية وطوبوغرافية جعلت كذلك من الصعب أن تكون لدينا إصلاحات في المستوى المنتظر، ما دام أننا نتحدث عن معلمة تاريخية تميز العاصمة الاقتصادية للمملكة”.
في سياق متصل، ذكر عضو لجنة القيادة والتتبع للمركب الرياضي محمد الخامس أنه “تم، منذ بداية الإصلاحات، إفراغ المركب وهدم أسفل مدرجاته وإنجازُ إصلاحات عميقة داخله بناء على دفتر تحملات، وصار الملعب يتوفر على أربعة مستودعات للملابس عوضا عن اثنيْن فيما سبق”، موردا أنه “تمت إزالة المقاعد كلها وسيتم تركيب مقاعد من النوع الجيد. كما جرى الإبقاء على الحلبة الدائرة؛ وذلك لكون مدينة الدار البيضاء لا تتوفر على مثل هذه الحلبة الأولمبية”.
وسجّل المسؤول نفسه أنه تم “تأهيلُ متحف الذاكرة الرياضية ووضع شاشات كبيرة للعرض، مع إعادة هيكلة نظام الصوتيات وكاميرات المراقبة، مع توفير الإضاءة الجانبية للملعب، ثم الاحتفاظ بالحزام الأخضر للمنشأة ذاتها”، موضحا أنه “من المنتظر الحسم فيها عما قريب في مسألة ألوان الكراسي”.
وجوابا منه عما إذا كان هذا الإصلاح “آخر” إصلاح سيعرفه ملعب محمد الخامس، بيّن كريم الكلايبي أن “هذا الإصلاح في نهاية المطاف سيمكن من تجاوز مجموعة من الإشكالات التي كانت المنشأة تعرفها على مدار عقود”، مبرزا أننا “ما زلنا ننتظر التوصل بتفاصيل بخصوص مسارات صرف الميزانيات التي تم صرفها خلال المرحلة الأولى من الإصلاحات”، ومُعيدا التذكير في الأخير بأن “الأمر لا يتعلق بهدر المال العام؛ بل إن الوضعية الجغرافية والمعمارية للمنشأة هي التي حتّمت الانخراط في كل هذه الإصلاحات”.
0 تعليق