صدر حديثاً عن منشورات ضفاف ببيروت ودار الأمان بالرباط ومنشورات الاختلاف بالجزائر كتاب "التفتيش في قلب المتنبي".. للكاتب عمرو منير دهب.
ويقع الكتاب في 160 صفحة من القطع المتوسط. ويتناول الكتاب رحلة في وجدان أبرز شعراء العربية على مرّ العصور عبر أكثر من ثلاثين عنواناً لم تقف فقط عند شعر المتنبي وخصوماته ومختلف شؤون حياته بل تجاوزت ذلك إلى كل محتمل من البواعث النفسية والاجتماعية التي حدت بالشاعر العظيم إلى إبداع ديوانه الفريد ونسج تفاصيل سيرة ذاتية أقرب إلى الأسطورة.
يقول دهب في مقدمة الكتاب: "رجوت زملائي معشر الكتاب أن يتواضعوا، ودعوت على الرواية بالثبور لتسيّدها المشهد الأدبي تسيّداً مفتعلاً، وكتبت عن حرب الأجناس الأدبية، وجادلت من ينكرون على كاتب أو قارئ أن يلحد بأيٍّ من أنواع الأدب؛ ثم هأنذا أعود إلى الشعر، لا لأكتبه وإنما لأفتش في قلب صاحب الديوان الذي نشأتُ عليه فأجدَه كما تركته قبل نحو أربعة عقود، مبدعاً استثنائياً وكائناً ذا قدرة فريدة على إثارة الجدل حوله، إمّا بالخصومة الفاجرة وإمّا بالإعجاب العارم، ونادراً بتوسّط مزعوم بين الحالين يخفي في ثناياه ملامح عميقة لواحد من النقيضين في الغالب".
وتحت عنوان "أمراض المتنبي النفسية" يشير المؤلف إلى أنه "كشأن الانحرافات/الأمراض النفسية بصفة عامة، فإن اضطراب الشخصية النرجسية يرتبط باضطراب في التفاعل النفسي الاجتماعي، وهذا ممّا يتّصف به المتنبي لا ريب، لكنه – شأن جميع الشخصيات الاستثنائية المتهمة بجنون العظمة – عرف كيف يحيل تجلّيات هذا الاضطراب في التفاعل النفسي الاجتماعي لصالحه بحيث يُنزل الآخرين على شروطه في التعامل معه تحت أضواء عظمته التي أفلح في جعلها تنطلي على من حوله بشكل أو آخر؛ ولعل من أمثلة نزول الآخرين على شروطه الغريبة قبول سيف الدولة بشرطه في أن ينشده قاعداً على غير العادة مع غيره من الشعراء؛ مع إثبات تحفّظنا في قراءة وتصديق كل ما راج من أخبار الشاعر العظيم، فسيرته الاستثنائية تغري بإلصاق كل غريب وفريد بصاحبها".
يواصل دهب: "الغوص في المزيد من تفاصيل التحليل النفسي يفضي بنا إلى جملة من آليات الدفاع (النفسي) Defense Mechanisms التي كان المتنبي بارعاً بالفطرة في استخدامها من قبيل: الإسقاط، عقدة الاستعلاء، التفكير الرغبوي (التمنّي)، الإزاحة، التبرير، المقارنة (الاجتماعية)، التماهي (التوحد)، الاستدماج، التعويض، العدوان (الوجداني)، أحلام اليقظة، النسيان، التعميم".
من عناوين الكتاب: "المتنبي بوصفه موظَّفاً"، "عنصريّتنا لا عنصريّة المتنبي وحده"، "المتنبي وسلاسل البحتري الذهبية"، "لو كان المتنبي متعقّلاً"، "شبكة علاقات المتنبي"، "أكبر تزوير في تاريخ الإعلام العربي"، "المتنبي ومدرسة المشاغبين"، "استغلال السلطة الأدبية"، "المتنبي بين الموهبة والشغف "، "أبرز مدمّري نظرية موت المؤلّف"، "أفضل قصيدة في التاريخ ليست للمتنبي".
الجدير بالذكر أن عمرو منير دهب، كاتب سوداني ولد في الخرطوم، كتب في العديد من الصحف السودانية منذ منتصف التسعينيات متنقلاً من صحيفة الإنقاذ إلى صحيفة الأنباء، ثم جريدة الصحافة وصحيفة الأحداث، وبعدها إلى جريدة السوداني وصحيفة الصيحة ثم جريدة اليوم التالي. تتواجد كتبه في المكتبات الوطنية والجامعات العربية والعالمية مثل المكتبة الوطنية الأسترالية ومكتبة جامعة تكساس في أوستن بالولايات المتحدة الأمريكية، ومكتبة جامعة برنستون الأمريكية. ومكتبة الملك فهد الوطنية، كما أشير إلى بعض كتبه كمرجع في الدراسات والبحوث الجامعية.
في العام 2006 نشر أول أعماله "بين الكاتب العادي وأسامة أنور عكاشة" وذلك بعد حوالي عشر أعوام من كتابته في طبعتين، الأولى ذاتية والثانية عن الخرطوم عاصمة للثقافة العربية، بعدها توالت إصداراته من الكتب عن دور نشر سودانية وعربية. تميّز بالكتابة النقدية من منطلق اجتماعي نفسي في العديد من المجالات كدراسات الشخصية الوطنية والقومية كما في كتابيه "جينات سودانية" و"جينات عربية"، و"جينات أنثوية" فضلا عن "لوغاريتمات الشهرة" و"جينات مصرية". والدراسات الفنية الأدبية كما في كتابيه "بين الكاتب العادي وأسامة أنور عكاشة" و"من مستمع غير محترف إلى محمد وردي"، إضافة إلى غير ذلك من المواضيع كقراءة تجربة الاغتراب كما في "حكايات مغترب فقير" والتطرق إلى فكرة الكتابة نفسها وواقعها المعقد لا سيما في العالم العربي وذلك من خلال كتابيه "تواضعوا معشر الكتاب" و"تباً للرواية: عن حظوة فنون الكتابة".
0 تعليق