وفد إماراتي يزور المغرب لتعزيز التعاون في مكافحة غسل الأموال
الرباط، المغرب – 15 أكتوبر 2023
في خطوة تؤكد على التزام الدول الإقليمية بمكافحة الجرائم المالية، وصل وفد إماراتي رفيع المستوى إلى المغرب لإجراء مشاورات حول تعزيز التعاون المشترك في مواجهة غسل الأموال. ويأتي هذا الزيارة في وقت يشهد فيه العالم زيادة في التحديات المتعلقة بالجرائم المالية الدولية، مما يدفع الدول إلى تعزيز الجهود الثنائية والإقليمية.
خلفية الزيارة
يترأس الوفد الإماراتي مسؤولون من هيئة مكافحة غسل الأموال في الإمارات العربية المتحدة، مثل ممثلي البنك المركزي الإماراتي ووحدة الاستخبارات المالية. وتهدف الزيارة، التي استمرت ليومين، إلى مناقشة آليات تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وقد أكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان رسمي أن هذه الاجتماعات تأتي ضمن جهود الإمارات لتعزيز الشراكات الدولية، مشيرة إلى أن غسل الأموال يمثل تهديداً للأمن الاقتصادي العالمي.
من جانبها، رحبت الحكومة المغربية بالوفد الإماراتي، حيث أشاد وزير الاقتصاد والمالية المغربي، محمد بنعزوز، بأهمية هذه الزيارة في تعزيز العلاقات الثنائية. وقال بنعزوز في كلمة ألقاها خلال الاجتماع الأول: “نحن ملتزمون بتعزيز التعاون مع الإمارات في مكافحة غسل الأموال، فهذا التحدي يتطلب جهوداً مشتركة للحفاظ على استقرار نظمنا المالية”.
تفاصيل الاجتماعات والمناقشات
خلال الزيارة، عقد الوفد الإماراتي سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولي الجهاز المالي المغربي، بما في ذلك ممثلي الوحدة الوطنية للاستخبارات المالية في المغرب. وتناولت المناقشات عدة محاور رئيسية، منها:
- مشاركة المعلومات: اتفاق على تبادل البيانات الاستخباراتية بشكل أكثر كفاءة للكشف عن عمليات غسل الأموال عبر الحدود.
- التدريب والتطوير: مناقشة برامج تدريب مشتركة للمحترفين في مجال مكافحة الجرائم المالية، مع الاستفادة من الخبرات الإماراتية في هذا المجال.
- التشريعات والتنظيم: استعراض التشريعات المحلية في كلا البلدين لضمان الامتثال لمعايير مجموعة العمل الخاصة بالأموال غير المشروعة (FATF)، التي تُعد إطاراً دولياً رئيسياً لمكافحة غسل الأموال.
- التعاون التشغيلي: استكشاف إمكانية إنشاء آليات مشتركة للتحقيق في الحالات المشبوهة، خاصة في ظل زيادة النشاطات المالية غير الشرعية في المنطقة.
وفقاً لمصادر مطلعة، تم التوقيع على مذكرة تفاهم أولية تهدف إلى تسهيل التعاون بين الجانبين، مما يُعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز الجهود المشتركة. وأكد الوفد الإماراتي أن الإمارات، كواحدة من الدول الرائدة في مكافحة غسل الأموال، مستعدة لتقديم الدعم الفني للمغرب.
أهمية التعاون في السياق الدولي
يأتي هذا التعاون في وقت يواجه فيه العالم تحديات متزايدة بسبب غسل الأموال، الذي يقدر حجم عملياته عالمياً بمئات المليارات من الدولارات سنوياً. في الإمارات، شهدت الجهود الوطنية نجاحاً كبيراً من خلال تطبيق تشريعات صارمة وتعزيز الرقابة على المعاملات المالية، مما جعلها نموذجاً يُحتذى به في المنطقة. أما المغرب، فهو يعمل على تحسين نظامه المالي لمواكبة المتطلبات الدولية، خاصة بعد انضمامه إلى مجموعة العمل الخاصة بالأموال غير المشروعة.
كما أن هذه الزيارة تعكس الروابط الاقتصادية القوية بين الإمارات والمغرب، حيث بلغت التجارة بين البلدين أكثر من 2 مليار دولار في السنوات الأخيرة. ويُعتقد أن تعزيز التعاون في مكافحة غسل الأموال سيساهم في تعزيز الثقة الدولية في أسواقهما المالية، مما يدعم الاستثمارات المشتركة.
توقعات المستقبل
في ختام الزيارة، أعرب الجانبان عن تفاؤلهما بمخرجات هذه الاجتماعات، مع التأكيد على أنها ستكون بداية لشراكة أوسع. وقال رئيس الوفد الإماراتي: “نحن ملتزمون ببناء جسور التعاون مع المغرب لمواجهة التحديات المشتركة، فالأمن المالي هو أساس التنمية المستدامة”.
مع تزايد الجهود الدولية لمكافحة غسل الأموال، يُعد هذا التعاون بين الإمارات والمغرب خطوة إيجابية نحو تعزيز السلامة المالية في المنطقة، ويفتح الباب أمام مزيد من الشراكات الإقليمية في المستقبل.