روب مور يكشف: الضرائب تحول زيادات الرواتب إلى عبء على البريطانيين - CNN الاقتصادية

بقلم: فريق CNN الاقتصادية

في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه بريطانيا، يحذر الرجل الأعمال البريطاني البارز روب مور من أن نظام الضرائب في البلاد يحول ما يفترض أن يكون زيادات رواتب إيجابية إلى عبء إضافي على كاهل الموظفين. في مقابلة حديثة مع CNN الاقتصادية، أكد مور أن الزيادات في الرواتب، التي تهدف إلى تعزيز القدرة الشرائية للأفراد، غالباً ما تُبتلع من قبل الضرائب المرتفعة، مما يعيق التقدم الاقتصادي ويزيد من معاناة العائلات البريطانية. في هذا التقرير، نستعرض آراء مور ونتحقق من الجوانب الاقتصادية لهذه الظاهرة.

خلفية روب مور وآراؤه

روب مور، المعروف بأعماله في مجال الاستثمار العقاري وتأسيس شركة Progressive Property، يُعتبر أحد أبرز الشخصيات في عالم الأعمال البريطاني. لقد شارك في برامج تلفزيونية مثل “Dragon’s Den”، حيث يقدم نصائح للرائدين الأعمال. في الآونة الأخيرة، تحول اهتمامه إلى قضايا اقتصادية أكبر، مثل تأثير السياسات الحكومية على الطبقة الوسطى. يقول مور في تصريحاته: “الزيادات في الرواتب تبدو وكأنها هدية، لكن الضرائب تحولها إلى عبء يثقل كاهل العاملين. إنها لعبة خاسرة للجميع، حيث يفقد الموظفون جزءاً كبيراً من مكاسبهم قبل أن يتمكنوا من الاستفادة منها”.

يشير مور إلى أن بريطانيا تشهد حالياً ارتفاعاً في تكاليف المعيشة، بما في ذلك ارتفاع أسعار الطاقة والإيجارات، مما يجعل الزيادات في الرواتب غير كافية لمواجهة هذه التحديات. وفقاً لتقارير حديثة من مكتب الإحصاء الوطني البريطاني (ONS)، ارتفعت الرواتب في بريطانيا بنسبة 7.3% في الربع الأخير من عام 2023، لكن هذه الزيادة لم تكن كافية لمواكبة معدل التضخم الذي بلغ 4% في نفس الفترة.

كيف تحول الضرائب زيادات الرواتب إلى عبء؟

نظام الضرائب في بريطانيا يعتمد على هيكل تقدمي، حيث يزداد معدل الضريبة مع ارتفاع الدخل. هذا النظام، الذي يهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية، يؤدي في الوقت نفسه إلى مشكلة تُعرف بـ”الفخ الضريبي” (Fiscal Drag). يحدث هذا عندما يزيد الراتب، مما يدفع الموظف إلى شريحة ضريبية أعلى دون تعديل الحدود الضريبية للتضخم. على سبيل المثال:

الشرائح الضريبية: في بريطانيا، يدفع الأفراد الذين يتقاضون دخلاً أقل من 12,570 جنيهاً استرلينياً (حوالي 16,000 دولار) ضريبة بنسبة 0%، بينما يرتفع المعدل إلى 20% للدخل بين 12,571 و50,270 جنيهاً، و40% للدخل فوق ذلك. إذا حصل موظف على زيادة راتب تجعله يتجاوز هذه الحدود، فإن جزءاً كبيراً من الزيادة يذهب مباشرة إلى الخزانة.
أمثلة عملية: افترض أن موظفاً يتقاضى راتباً سنوياً قدره 40,000 جنيه استرليني يحصل على زيادة قدرها 5%. هذه الزيادة (أي 2,000 جنيه) قد تدفعه إلى الشريحة الضريبية الأعلى، مما يعني أنه يدفع ضريبة إضافية تصل إلى 800 جنيه، ناهيك عن الضرائب الأخرى مثل الضريبة على التأمين الوطني. نتيجة ذلك، يبقى معه من الزيادة مبلغ أقل بكثير مما كان يتوقع.

كما يؤثر هذا النظام على الدافعية للعمل، حيث يشعر بعض الموظفين بأن الجهد الإضافي لا يستحق العناء بسبب الضرائب المرتفعة. يقول مور: “إن هذا النظام يعاقب الناجحين ويحبط الطموح، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد ككل”.

التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية

وفقاً لتقارير من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، تشكل الضرائب في بريطانيا نسبة 33.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعلها من أعلى الدول في أوروبا. هذا الضغط الضريبي يعزز من مشكلة “الفقر في العمل”، حيث يعمل ملايين البريطانيين لساعات طويلة لكنهم يعانون من صعوبة في تغطية نفقاتهم الأساسية.

في السياق الراهن، مع ارتفاع معدلات التضخم الناتج عن أزمة الطاقة العالمية وتداعيات جائحة كوفيد-19، يرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة البريطانية بحاجة إلى مراجعة نظامها الضريبي. اقترح مور في حديثه مع CNN أن تُعدل الحدود الضريبية سنوياً لتعكس التضخم، مما يمنع “الفخ الضريبي” ويشجع على الإنتاجية.

الخاتمة: حاجة إلى إصلاحات جذرية

يبدو أن تحذيرات روب مور ليست مجرد آراء شخصية، بل تعكس واقعاً يعيشه ملايين الموظفين البريطانيين. في ظل الانتخابات المقبلة، قد تكون قضية الضرائب محوراً رئيسياً للنقاش السياسي. إذا لم تتخذ الحكومة خطوات لتخفيف العبء الضريبي، فقد تستمر في مواجهة تحديات في جذب الاستثمارات وتحفيز القوى العاملة.

في النهاية، يدعو مور إلى توازن أفضل بين الضرائب والنمو الاقتصادي، قائلاً: “الضرائب ضرورية لتمويل الخدمات العامة، لكنها لا يجب أن تكون عقبة أمام التقدم الشخصي”. هل ستقوم الحكومة البريطانية بإصلاحات سريعة؟ هذا سؤال يبقى معلقاً، لكن الواضح أن البريطانيين يحتاجون إلى حلول فورية لتحويل زيادات الرواتب من عبء إلى فرصة حقيقية.

تم نشر هذا التقرير بناءً على مقابلات وتقارير اقتصادية حديثة، ويُنصح بمراجعة مصادر رسمية للحصول على بيانات محدثة.