المرأة السعودية تقود الاقتصاد الجديد: من التمكين إلى التأثير في التحول الاقتصادي العالمي

لطالما كان مفهوم النجاح مرتبطًا في أذهان المجتمع بصور نمطية تركز على الدور الرجالي، كأن الفرصة للإنجاز مقصورة على جانب واحد فقط. ومع ذلك، فإن الواقع اليوم يشهد تحولًا جذريًا، حيث أصبحت المرأة جزءًا أساسيًا من هذا المشهد، تتقدم بخطى واثقة وتساهم في صنع مستقبل أكثر توازنًا. في المملكة العربية السعودية، برزت قصص نجاح لنساء أثبتن أن طاقاتهن لا حدود لها، مستلهمات من تعاليم الإسلام التي تؤكد على المساواة في الجزاء، كما في قوله تعالى: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}. هذا التحول لم يكن عفويًا، بل جاء مدعومًا برؤية 2030، التي تحولت من شعار إلى واقع ملموس من خلال سياسات ومبادرات تركز على تمكين المرأة كعنصر حيوي في التنمية.

تمكين المرأة السعودية: ركيزة التحول الوطني

في ظل رؤية 2030، أصبح تمكين المرأة السعودية أكثر من مجرد خطوات رمزية؛ إنه محور التقدم الاقتصادي والاجتماعي. كما أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن المرأة ليست إضافة تكميلية، بل قوة دافعة للمستقبل. شهدت السنوات الأخيرة، وخاصة عامي 2022 و2023، زيادة كبيرة في فرص العمل المتاحة للنساء، حيث ارتفعت نسبة مشاركتهن في سوق العمل من 17% عام 2017 إلى أكثر من 35%، وفق البيانات الرسمية. هذا الارتفاع لم يقتصر على القطاعات التقليدية مثل التعليم، بل امتد إلى مجالات حيوية مثل التقنية، الإدارة، الحرف اليدوية، والابتكار. النساء السعوديات اليوم يقدن منصات رقمية وشركات ناشئة، ويحرزن مناصب قيادية في شركات مدرجة في السوق المالية، بل ويشاركن في صناعة القرار على مستويات عالمية. هذا الدعم لم يؤدِ إلى تراجع معدلات البطالة فحسب، بل أدى إلى تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال استثمار كفاءاتهن في مجالات مثل الطاقة المتجددة، الصناعة، والتعدين، مما يعكس ثقة الدولة في قدراتهن ودورهن في بناء اقتصاد متوازن.

دعم المرأة في مسارات التنمية

يمتد دور المرأة السعودية إلى مجالات غير تقليدية، حيث أصبحت شريكة فعالة في الابتكار والتطوير. في قطاع التقنية، تبرز نساء يقدن مشاريع رقمية تخدم أسواقًا إقليمية وعالمية، بينما في الإدارة، يتولين مناصب عليا تساهم في توجيه السياسات الاقتصادية. أما في التعليم، فهن يقدن جهود تطوير المحتوى التعليمي الحديث، وفي الحرف اليدوية، حوّلن المهارات التقليدية إلى منتجات وطنية تنافسية عالميًا. هذا الحضور الواسع ليس ناتجًا من الصدفة، بل من رؤية واضحة ترى في المرأة قوة منتجة ومؤثرة، لا مجرد مشاركة رمزية. من خلال هذا الدعم، تتجه المملكة نحو اقتصاد يعتمد على تكامل الطاقات، حيث يساهم كلا الجنسين في التقدم. النتائج الملموسة تشمل زيادة مشاركة النساء في لجان تنظيمية لمؤتمرات دولية، وإنجازاتهن في مجالات الطب، الهندسة، والابتكار، التي حظيت بتقدير عالمي.

في الختام، يمثل تمكين المرأة السعودية استثمارًا حقيقيًا في المجتمع ككل، حيث ينعكس كل تقدم لها على ازدهار الوطن. اليوم، تتقدم النساء بخطى واثقة في مراكز القرار، مساهمن في مسارات التنمية بكفاءة وإبداع. لم يعد دورهن مقتصرًا على الأرقام الإحصائية، بل يتجاوز ذلك ليشكل أثرًا دائمًا في الاقتصاد الجديد. كل سعودية تنجح الآن تفتح أبوابًا جديدة، تكسر القوالب التقليدية، وتضيف لبنات في بناء وطن يقود التغيير. ومع ذلك، فإن الرحلة لم تنتهِ بعد؛ هناك آفاق أوسع تنتظر المرأة السعودية لتصنع المزيد من الإنجازات، في وطن يعتمد على كل أبنائه وبناته لتحقيق التميز في كل ميدان.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *