حان الوقت لاستعادة الثقة في المستشار المحلي

لقد أصبحت الاعتمادات على الشركات الاستشارية الأجنبية أمراً مفروغاً منه في الماضي، حيث كانت تُرى كمصدر للحلول الجاهزة والتميز العالمي.

الاستشارة الوطنية كخيار أساسي

مع مرور السنوات، بدأت مؤسساتنا تدرك أن الربط بين جودة الرأي والجنسية الأجنبية للشركات لم يعد مبرراً، خاصة مع النضج الذي شهدته الكفاءات المحلية في المملكة.

بدائل الاستشارات المحلية الفعالة

في ظل التطورات الراهنة، يبرز دور المستشارين السعوديين كبديل قوي، حيث أفرزت البرامج التعليمية والتدريبية جيلاً من المتخصصين الذين يفهمون السياق المحلي بعمق. هؤلاء يتمتعون بقدرة على ترجمة الرؤية الوطنية إلى خطط تنفيذية تتناسب مع البيئة الثقافية والتنظيمية، خلافاً للنهج الأجنبي الذي غالباً ما يقدم توصيات معزولة عن الواقع، مما يؤدي إلى تأخير الإنجاز وضياع الموارد.

بالعودة إلى الواقع الحالي، يتطلب الأمر مراجعة شاملة لممارسات الاستشارة. في الماضي، كانت الحاجة إلى الخبرات الخارجية مفهومة بسبب محدودية الكوادر المحلية، لكن اليوم، مع تطور القدرات الوطنية، أصبح من الضروري الاعتماد على المستشارين السعوديين الذين يدركون التفاصيل الدقيقة للأنظمة الحكومية والسياقات الاجتماعية. هؤلاء لا يقتصرون على استخدام أدوات تحليل متقدمة، بل يدمجونها بفهم عميق للأولويات الوطنية، مما يجعلهم شركاء حقيقيين في النجاح.

لتحقيق ذلك، يجب وضع معايير وطنية واضحة لتمكين الشركات المحلية من المشاركة كشركاء رئيسيين في المشاريع الكبرى، بدلاً من الاكتفاء بدورهم كمقاولين فرعيين. كما يتطلب الأمر إنشاء سجل مهني لتقييم أداء الشركات الاستشارية، سواء كانت محلية أو أجنبية، بناءً على مؤشرات الجودة والنتائج الفعلية. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي إطلاق مبادرات حكومية لتأهيل هذه الشركات ودعمها، كما يجب تبني منهجية المشاركة الاستشارية التي تضمن وجود العقول المحلية في صلب كل قرار إستراتيجي.

في جانب آخر، هناك حاجة ماسة لتنظيم سوق الاستشارات للحد من الإفراط في منح التراخيص الفردية، التي تسمح لأفراد غير مؤهلين بالتدخل في مجالات تتطلب خبرة مؤسسية. يجب فرض اشتراطات واضحة تفصل بين الخدمات الاستشارية الفردية والممارسات المؤسسية، مع التأكيد على أن الترخيص يراعي حجم وتعقيد المشروع، ليتم توجيه الأعمال المعقدة نحو الجهات ذات الرقابة القانونية السليمة. هذا النهج سيقلل من التزاحم غير العادل ويمنح الشركات الجادة الفرصة للنمو.

أخيراً، إن إعادة الثقة إلى العقل المحلي ليس تأخيراً، بل خطوة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة. فالاستشارة، كوظيفة وطنية، تكتسب قيمتها الحقيقية عندما يرتبطها بالسيادة الوطنية، حيث يثبت المستشارون المحليون قدرتهم على بناء حلول أكثر صلة وأماناً، مما يعزز النجاح الشامل للمملكة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *