حركة الإخوان وسر الحظر العربي المنسي!

إذا كانت الأحداث الأخيرة في الأردن قد أبرزت الغضب الأمني والسياسي ضد حركة الإخوان المسلمين وأنشطتها، فإن ذلك يطرح تساؤلات حول كيفية مواكبة الحرب الفكرية مع جماعة الإسلام السياسي دون توافق عربي شامل لحظرها عبر الجامعة العربية. بانكشاف مخططات الفصيل في الأردن واعتقال الخلايا الإرهابية المرتبطة به، يبدو أن الحركة تعرضت لصدمة كبيرة، لكن هذا لا يعني نهاية مخططاتها للفتنة الدينية المسيسة في العالم العربي والعالم أجمع.

حركة الإخوان المسلمين وتأثيراتها الإقليمية

في ظل هذه التطورات، تواصل الحكومات العربية ارتكاب خطأ فادح من خلال تبني سياسات المراوغة مع الجماعة، مما يهدد مصالحها القومية ويجر شعوبها نحو مخاطر الاضطرابات والثورات. على سبيل المثال، في الكويت، يتمتع التنظيم بنشاط منظم رغم مزاعم الانفصال عن التنظيم الدولي عقب الغزو العراقي، حيث تحولت جمعية الإصلاح الاجتماعي – وهي تمثل الإخوان – إلى مظلة للحركة الدستورية الإسلامية. تاريخ هذه الجمعية يعود إلى عام 1952 عندما كانت تُعرف باسم جمعية الإرشاد الإسلامية، وكانت تتبنى مواقف متشددة اجتماعياً وسياسياً، مثل اعتراضها على إرسال النساء الكويتيات للدراسة في الغرب بسبب مخاوفهم من “مفاسد” تلك البلدان.

ومع ذلك، تغيرت استراتيجية الجماعة مع الزمن، كما حدث في عام 2005 عندما صوتت في مجلس الأمة الكويتي لصالح منح النساء حق الترشح والانتخاب، بعدما اعترضت على ذلك في عام 1999. هذا التحول يعكس رغبة الإخوان في تعزيز نفوذهم عبر استغلال القواعد الاجتماعية، من خلال الانتشار في المدارس، الأجهزة الحكومية، وجمعيات النفع العام. دور الجماعة ليس هامشياً، بل يشمل اختبار ردود فعل الشارع العربي والإسلامي من خلال غطاء فقهي أو حتى مسلح، لتحقيق مكاسب في الصراعات والأحداث الجارية.

في هذا السياق، يبرز دور قياديين مثل طارق السويدان، الذي استخدم مناسبات مثل معرض الكتاب الإسلامي لترويج أفكار متطرفة، بالإضافة إلى تصريحاته حول تدريب آلاف الشباب في السودان، حيث أدت تجارب الإخوان إلى فوضى عظيمة مثل انفصال الجنوب وحروب داخلية. كما سعى السويدان للتعامل مع الأطراف الدولية، مثل محاولته الوصول إلى الخارجية الأمريكية أثناء الغزو العراقي، أو عرضه لتمويل مشاريع مقابل خدمات سياسية، كما وثق ذلك السفير الكويتي السابق.

إن المعركة مع فكر الإسلام السياسي لحركة الإخوان، بتقلباتها ووحدة أدوارها العالمية، لن تنتهي إلا بإجراءات حاسمة. من هنا، يجب على الجامعة العربية تبني مشروع لحظر الحركة ومصادرة أموالها في القمة القادمة، للقضاء على منابع التمويل ومنع استمرار مخططاتها، خاصة مع التطورات السياسية المتسارعة حول قطاع غزة وحركة حماس كجناح فلسطيني للإخوان. هذه الخطوات ضرورية للحفاظ على الاستقرار ومنع استغلال الأحداث لصالح أجندات تؤدي إلى الفوضى. لذا، يتطلب الأمر تضافر جهود عربية حقيقية لمواجهة هذا التحدي، مع الاستفادة من دروس الماضي لصون الشعوب من مخاطر التهييج الديني والسياسي. قد تكون الأحداث في الأردن بداية، لكنها لن تكون النهاية إلا إذا اتخذت إجراءات جذرية تجعل الإخوان تفقد قدرتها على التكيف والانتشار.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *